خان يونس 9-10-2025 وفا- حاتم أبو دقة
عمت مشاهد الفرح والدموع في آنٍ واحد خيام النزوح في قطاع غزة، بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، التوصل إلى اتفاق لوقف العدوان وحرب الإبادة على قطاع غزة، ويقضي بانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي، ودخول المساعدات الإنسانية، وتنفيذ عملية تبادل للأسرى.
لم تكن لحظة عادية، فقد خرج النازحون من خيامهم المتهالكة يحملون ما تبقى من أحلامهم وأرواحهم المنهكة، يستقبلون الخبر الذي انتظروه طيلة عامين من القصف والجوع والحرمان. ارتفعت الزغاريد، واختلطت الدموع بالابتسامات، وكأن الحياة عادت إلى وجوه أطفأت الحرب نورها.
وعبّر كثيرون عن أملهم بأن تكون هذه نهاية حقبة مظلمة، وأن يستعيدوا حقهم في الحياة، والعودة إلى منازلهم حتى وإن كانت مدمرة، وأن ينام أطفالهم دون خوف، ويستيقظوا على صوت هدير بحر غزة لا على أزيز الطائرات.
وتستعد آلاف الأسر في قطاع غزة للعودة إلى منازلها في مدينتي خان يونس وغزة، مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، في لحظة طال انتظارها لطي صفحة النزوح القاسية التي أنهكت الأرواح وشرّدت الأحلام.
وفي خيمةٍ صغيرة نُصبت في أحد مراكز الإيواء، جلست أم الرائد الرقب (63 عامًا)، تحتضن ذكرياتها وما تبقى من متاعها البسيط. ورغم أن منزلها في بلدة بني سهيلا شرق خان يونس، لم يعد سوى ركام بعد النزوح الأخير قبل شهرين، إلا أن الفرحة لا تفارق ملامح وجهها المرهق.
قالت والدمعة تلمع في عينيها: أنه رغم آلام النزوح والتجويع خلال عامين فإنها ستعود إلى ركام منزلها المدمر، وستقيم خيمة على أنقاضه وتعيش حياتها بعيدا عن أصوات قصف الطائرات والخوف الذي كان يطارد الآمنين في منازلهم وخيامهم.
وأعربت عن أملها بأن تلتزم حكومة الاحتلال بما تم الاتفاق عليه دون اختراق والعودة إلى العدوان، كما حدث خلال الاتفاق السابق.
أما النازح من غزة أبو عصام القطاع (65 عاما)، قال إنه نزح من منزله في منطقة الصبر قبل ثلاثة أسابيع، عندما أجبرتهم قوات الاحتلال على ترك المنطقة، والتوجه إلى منطقة المواصي، منوها إلى أن هذه المرة العاشرة التي ينزح فيها من مكان إلى آخر.
وأضاف القطاع لـ "وفا" أنه عاش ظروفا صعبة في نزوحه في منطقة الزوايدة، وترك خلفه أبنائه الذين رفضوا النزوح، وأصروا على البقاء رغم القصف الذي كان يتواصل على مدار الساعة، لكنهم فضلوا الموت في منازلهم.
بدوره أعرب طالب الثانوية العامة عصام أبو دقة عن أمله في أن يتمكن من العودة إلى بلدة عبسان الكبيرة شرق خان يونس، ليتمكن من متابعة دراسته بعيدا عن معاناة النزوح.
وأشار إلى أن آلام العدوان ومعاناته لن تمحى من ذاكرته مادام حيا وأن جيله تعرض للظلم والقهر على مدار سنوات أعمارهم، خلال سنوات العدوان المتكرر على القطاع منذ عام 2008 مرورا بعام 2014 إلى يومنا هذا.
أما النازح من رفح محمد النجار فأعرب عن أمله بأن يتم فتح معبر رفح ليتمكن من الذهاب الى إحدى الدول لعلاج ابنه الذي أصيب قبل ستة أشهر، برصاصة اخترقت ظهره وألزمته الفراش، نتيجة إصابته بشلل نصفي، ولا يوجد له علاج في مستشفيات غزة.
وطالب النجار المجتمع الدولي بالضغط على حكومة الاحتلال وحثها على الالتزام بعدم وضع العثرات وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، خاصة فيما يتعلق بفتح معبر رفح النافذة الوحيدة للقطاع مع العالم الخارجي.
ولم يكن النجار الوحيد الذي ينتظر السفر للعلاج إلى لخارج لتلقي العلاج في الخارج، نظرا للنقص الحاد في المستلزمات الطبية والكادر الطبي، بعد تدمير معظم المستشفيات في القطاع.
وتشير مصادر طبية في قطاع غزة، إلى وجود أكثر من 18 ألف مصاب ينتظرون السفر للعلاج في الخارج.
وأعرب النازحون عن أملهم بأن يتم تسليم القطاع السلطة الوطنية الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس وقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، لتطوي سنوات من الانقسام وتفرد الاحتلال بغزة.
وأسفر العدوان الإسرائيلي الذي بدء في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، عن استشهاد 67,194 مواطنا وإصابة 169,890 غالبيتهم من النساء والأطفال، إضافة إلى آلاف المفقودين، وتدمير هائل في البنية التحتية بقطاع غزة.
ـــــ
/ر.ح