غزة 12-10-2025 وفا– حسين نظير السنوار
بعد عامين من القصف والانفجارات، يعيش قطاع غزة منذ ثلاثة أيام هدوءا نسبيا يشبه الاستراحة القصيرة بعد عاصفة مدمرة، فيما يحاول السكان استيعاب حجم الكارثة التي حلت بهم وبمدينتهم.
فقد توقفت أصوات الطائرات والمدافع، وخلت السماء من الدخان الذي غطى غزة لعامين متواصلين، لتبقى آثار الدمار شاهدة على حرب غيّرت ملامح الحياة.
في الشوارع المهدمة يسير الأهالي بين الركام، يبحث بعضهم عما تبقى من منازلهم، وآخرون عن مفقودين تحت الأنقاض أو عن فرصة لبداية جديدة.
ورغم الهدوء الحذر، فإن مشاهد النزوح والفقد لا تزال حاضرة، إذ يعيش آلاف المواطنين في خيام مؤقتة تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، بانتظار دخول المساعدات الإنسانية واستئناف جهود الإغاثة والإعمار.
وقال المتحدث باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) عدنان أبو حسنة، إن الوكالة لم تتوقف عن العمل خلال الحرب، وكان لديها 12 ألف عامل في الميدان، مشيرا إلى أن هناك مخازن جاهزة في مصر والأردن لتوزيع المساعدات فور السماح بدخولها.
وأضاف في تصريح صحفي سابق، أن أكثر من 170 من العاملين في الأونروا استشهدوا خلال الحرب، مؤكدا أن سكان غزة بحاجة ماسة إلى كل أشكال الدعم، من غذاء ودواء ومأوى، وأن استمرار إغلاق المعابر يعرقل وصول الإمدادات.
وفي السياق، أوضح برنامج الأغذية العالمي أن لديه 170 ألف طن من المواد الغذائية تكفي سكان القطاع لمدة ثلاثة أشهر، بانتظار الضوء الأخضر لإدخالها، فيما ذكرت منظمة اليونيسف أن لديها أكثر من 1300 شاحنة جاهزة لنقل الخيام والأدوية والمواد التعليمية إلى غزة.
ورغم الخسائر الفادحة، يتمسك أهالي القطاع بالأمل في عودة الحياة، وإعادة بناء ما دمرته الحرب التي استمرت قرابة عامين، وأسفرت عن استشهاد أكثر من 67 ألف مواطن وإصابة نحو 170 ألفا آخرين، وتدمير ما يزيد على 80% من المنازل والبنية التحتية، فضلا عن المدارس والجامعات ودور العبادة.
المواطنة غادة إسماعيل تقول: "لقد انقشعت أيام وليالي الحرب التي اكتساها الرعب والخوف والتشرد والنزوح، لكن أشعر وكأن الحرب قد بدأت للتو فقدت 23 من عائلتي دفعة واحدة، زوجي وأبنائي وزوجاتهم وأحفادي، وفقدت المنزل والعمل، كما غيبت قضبان السجن آخر من تبقى من أولادي".
وتضيف "أترقب كل لحظة أن يدخل عليّ من يزف لي خبر تحرير ولدي حسين فأنا وزوجته وأطفاله ومن تبقى بحاجة له ليقف بجانبنا ويساندنا، رغم أن العبء عليه سيكون كبير وشاق، لكن وجوده سيهون علينا الكثير".
المواطن إيهاب أبو عودة يقول: "رغم الألم الذي يعتصر القلوب والجرح النازف في كل بيت إلا أن فرحة النجاة من الموت الذي كان يتربص بنا من كل جانب تبقى كبيرة"، مؤكدا أن فكرة التهجير باءت بالفشل أمام صمود شعبنا، وغزة ستعود أجمل من ذي قبل.
وبين أنقاض المدينة، يرفع الغزيون شعار الصبر والبقاء، مؤمنين بأن إعادة الإعمار ليست فقط بناء الحجر، بل استعادة الروح التي حاول الاحتلال طمسها.
ـــــــ
/م.ع