أهم الاخبار
الرئيسية تقارير وتحقيقات
تاريخ النشر: 22/09/2025 03:02 م

فلسطين والسعودية.. مواقف راسخة وتاريخ طويل من الدعم والتعاون

رام الله 22-9-2025 وفا- لطالما ظلت القضية الفلسطينية محورية في السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية، والتي تؤكد دائما التزامها التاريخي والإنساني والسياسي بمساندة شعبنا الفلسطيني، ودورها العربي والإسلامي والدولي لتحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط، عبر دعمها لحل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.

تاريخ طويل من الدعم لفلسطين وقضيتها:

كرسّت المملكة العربية السعودية مبكرا مواقفها الثابتة تجاه القضية الفلسطينية، واضعةً إياها في صدارة أولويات سياستها الخارجية، وترجمت تلك المواقف إلى أفعال على أرض الواقع.

شاركت المملكة في عهد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، في مؤتمر لندن الخاص بفلسطين عام 1939، وأرسلت أبناءها للمشاركة مع القوات العربية في حرب 1948 للذود عن فلسطين، مؤكدة دعمها المتواصل لحقوق الشعب الفلسطيني، والتزمت بنصرة قضيته في المحافل الدولية بوصفها قضية العرب والمسلمين الأولى.

وتواصل دعم المملكة في عهد الملك سعود بن عبد العزيز، الذي زار فلسطين عام 1935 حين كان وليًا للعهد، وحرص خلال فترة حكمه على مساندة فلسطين وشعبها سياسيًا ومعنويًا، وتقديم العون للأسر المتضررة، ومنح فرص العمل والإقامة في المملكة، في تجسيد عملي لمبدأ التضامن.

 فيما حرص الملك فيصل بن عبد العزيز، على توفير جميع وسائل الدعم المادي للشعب الفلسطيني وأمر بتأسيس اللجان الشعبيه لمساعدة الشعب الفلسطيني بقيادة الملك سلمان حين كان أميرا لمنطقة الرياض وحرص على نقل القضية الفلسطينية إلى الإطار الإسلامي الأشمل، فقد كان من أبرز الداعمين لعقد القمة الإسلامية الأولى بالرباط عام 1969 غداة حريق المسجد الأقصى، وشارك في القمة وجعل من القضية الفلسطينية قضية المسلمين جميعًا، مؤكدًا في اتصالاته الدولية ضرورة حماية القدس وحقوق أهلها والدور الدبلوماسي الذي لعبه في تغيير مواقف كثير من رؤساء الدول مثل الرئيس الفرنسي شارل ديجول .

وفي عهد الملك خالد بن عبد العزيز، استمرت المملكة بذات النهج في حشد الدعم العربي والإسلامي والدولي، وعملت على توحيد المواقف تجاه مسارات التسوية العادلة.

 أما خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز، فقد طرح مبادرة للسلام عام 1981، والتي تحولت في "قمة فاس" بالمغرب عام 1982 إلى خطة السلام العربية، محدّدة إطارًا واقعيًا للتسوية على أساس قرارات الشرعية الدولية، كما حرص على تسخير الإعلام السعودي والعربي لنصرة القضية، وأمر بتقديم الدعم المالي والإنساني والإغاثي عبر قنوات رسمية وشعبية.

 وفي عام 2000، وخلال القمة العربية الطارئة بالقاهرة، اقترحت المملكة بمبادرة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حينما كان آنذاك وليًا للعهد، إنشاء صندوقي "انتفاضة القدس" و"الأقصى" بقيمة مليار دولار، وتكفّلت المملكة بتقديم ربع المبلغ المخصص لهما، فضلًا عن تمويل مشاريع تحافظ على هوية القدس ورعاية الأسر المتضررة.

 وطرح "المبادرة العربية للسلام" في قمة بيروت عام 2002، التي نصّت على الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة منذ 1967، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية .

 ومع تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، استمر الموقف السعودي الراسخ، إذ سُمّيت القمة العربية التاسعة والعشرون التي استضافتها المملكة في الظهران عام 2018 بـ"قمة القدس"، مجدِّدًا بذلك مركزية القضية الفلسطينية في وجدان الأمة، ومؤكدًا التزام المملكة بمواصلة الدعم السياسي والاقتصادي للشعب الفلسطيني، وأعلنت خلالها المملكة تقديم 150 مليون دولار لدعم الأوقاف الإسلامية في القدس، و50 مليون دولار لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

المملكة تقود الجهود الدولية لتحقيق السلام عبر حل الدولتين:

منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تقود المملكة العربية السعودية الجهود الدولية لوقف الحرب وتحقيق سلام عادل وشامل للقضية الفلسطينية عبر حلّ الدولتين، امتدادا لمواقفها الثابتة تجاه فلسطين وقضيتها، وانطلاقا من العلاقات الفلسطينية السعودية المتأصلة والوطيدة، والتي تتسم بعمقها الإستراتيجي والتاريخي المتميز.

واستضافت العاصمة السعودية الرياض في 11/11/2024، قمة عربية إسلامية غير عادية بشأن الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة، والتي طالبت مجلس الأمن الدولي بقرار ملزم لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية فورا إلى قطاع غزة، وأدانت انتهاكات المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة والمسجد الأقصى بمدينة القدس الشرقية.

وأكدت المملكة في مختلف المحافل الدولية حق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرّف في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وجددت مواقفها الداعمة باستمرار في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة وسائر المنظمات الإقليمية والدولية.

إطلاق التحالف الدولي لتنفيذ حلِّ الدولتين:

ففي 27 أيلول/سبتمبر 2024، أعلن وزير خارجية المملكة الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، باسم الدول العربية والإسلامية وعدد من الشركاء الدوليين، إطلاق "التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين" على هامش اجتماعات الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، مؤكدًا أن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة حق أصيل للشعب الفلسطيني وأساس لتحقيق السلام، داعيًا الدول كافة للاعتراف بفلسطين والانضمام إلى الإجماع الدولي الذي يضم 149 دولة اعترفت بها رسميًا آنذاك.

وجددت المملكة في 28 أيلول/سبتمبر 2024، خلال جلسة مجلس الأمن بشأن فلسطين، دعوتها للمجتمع الدولي، ولا سيما الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين، إلى المضي قُدمًا في الاعتراف بها دعمًا لحل الدولتين.

وفي 29 أيلول/سبتمبر 2024 رحبت المملكة بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي نص على أن دولة فلسطين مؤهلة للعضوية الكاملة في المنظمة الدولية، كما رحبت بقرارات عدد من الدول الأوروبية الاعتراف بدولة فلسطين، مؤكدة أن هذه الخطوات تعزّز المسار الدولي لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

واستضافت المملكة في 30 تشرين الأول/أكتوبر 2024 الاجتماع الأول للتحالف بالتعاون مع شركائها، حيث شددت على وقف التصعيد الإسرائيلي، وتفعيل آليات المحاسبة الدولية، والمضي بخطوات عملية وجداول زمنية محددة تفضي إلى قيام الدولة الفلسطينية.

المؤتمر الدولي رفيع المستوى لتنفيذ حل الدولتين:

وتعززت بذلك الجهود السعودية عبر المسارات الدولية المختلفة؛ فخلال نيسان/أبريل وأيار/مايو 2025 ترأست المملكة العربية السعودية بالشراكة مع جمهورية فرنسا الاجتماعات التحضيرية للمؤتمر الدولي الرفيع المستوى بشأن التسوية السلمية بمقر الأمم المتحدة، حيث أُنشئت مجموعات عمل متخصصة للإعداد للمؤتمر، وتحديد المخرجات العملية في مجالات الأمن والحدود والاقتصاد واللاجئين والدعم الإنساني.

وفي 17 حزيران/يونيو 2025 صدر بيان مشترك عن الرئاسة السعودية - الفرنسية وممثلي 19 دولة ومنظمة، عبّر عن القلق من التصعيد، ودعا إلى استعادة الهدوء واحترام القانون الدولي.

 واعتمد المؤتمر في 28 تموز/يوليو 2025 وثيقته الختامية التي نصت على إنهاء الحرب في غزة، والتوصل إلى تسوية عادلة ودائمة للصراع على أساس حل الدولتين، وإطلاق مسارات دعم اقتصادي وإنساني تضمن توفير الخدمات الأساسية وإعادة الإعمار، وتمكين مؤسسات الدولة الفلسطينية المستقبلية من القيام بواجباتها.

وقد تُوّجت هذه الجهود بقرار تاريخي حين أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 12 أيلول/سبتمبر 2025 "إعلان نيويورك" المؤيد لحل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بأغلبية 142 صوتًا، ورحبت المملكة بالقرار وعدّته تأكيدًا على الإجماع الدولي لدعم فلسطين وحقها في إقامة دولتها على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وحافزًا لمواصلة العمل المشترك.

وتجلّى الموقف السعودي بوضوح في كلمة ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، في 10 أيلول/سبتمبر 2025 خلال افتتاح أعمال السنة الثانية من الدورة التاسعة لمجلس الشورى، حيث أكد أن مبادرة السلام العربية التي أطلقتها المملكة عام 2002 أصبحت إطارًا دوليًا لتحقيق الدولة الفلسطينية، مشيرًا إلى أن الجهود السعودية أثمرت عن تزايد الدول المعترفة بفلسطين، وعن حشد غير مسبوق في مؤتمر نيويورك لتنفيذ حل الدولتين.

تنسيق وتشاور وتعاون مستمر بين قيادتي البلدين:

وتحرص القيادة الفلسطينية دوما على البحث والتشاور والتنسيق على المستويات كافة مع الأشقاء في المملكة، بشأن آخر تطورات القضية الفلسطينية وعديد الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك، وتعزيز علاقات الأخوة الفلسطينية السعودية.

وعلى صعيد التعاون الثنائي، لا تتوقف المملكة العربية السعودية عن تقديم دعمها المادي والمعنوي للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني منذ القمة العربية في الخرطوم عام 1967، إلى جانب دعمها المستمر لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" للقيام بالدور المنوط بها وفقا لولايتها، إضافة إلى دعم موازنة السلطة الفلسطينية، والتي كان آخرها تقديم 30 مليون دولار عام 2025.

وقدمت المملكة العربية السعودية طيلة السنوات الماضية دعماً مالياً مستمراً من مساعدات إنسانية وإغاثية وتنموية للشعب الفلسطيني، بلغ 5,3 مليار دولار للمساهمة في دعم فلسطين، وتعزيز صمود شعبها، وتخفيف معاناته، في مواجهة التحديات الاقتصادية والإنسانية.

وتوفّر المملكة سنويا كل التسهيلات الممكنة للحجاج الفلسطينيين، لأداء فريضة الحج. كما منحت مكرمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الفرصة لآلاف الحجاج من ذوي الشهداء والأسرى والجرحى لأداء فريضة الحج، في إطار التخفيف من معاناة شعبنا الفلسطيني وتعزيز صموده.

وتتمتع دولة فلسطين بتمثيل دبلوماسي رفيع المستوى في المملكة العربية السعودية، عبر سفيرا فوق العادة مفوضا بسفارتها في العاصمة الرياض، وقنصليتها العامة في جدة.

ويعكس تعيين المملكة العربية السعودية، سفيرا فوق العادة مفوضًا وغير مقيم لدى دولة فلسطين، قنصلاً عامًا في مدينة القدس، العلاقات الوطيدة بين البلدين الشقيقين.

ــ

م.ج

مواضيع ذات صلة

اقرأ أيضا