غزة 27-7-2025 وفا- ريم سويسي
تداعيات الحرب على قطاع غزة ألقت بظلالها القاتمة على مختلف جوانب الحياة، بما في ذلك قطاع الصحة، والنظافة الشخصية، لعدم توفر أي من المقومات التي تساعد المواطنين على مجابهة الصعوبات، في ظل انعدام مقومات الصمود.
منذ 23 شهرا، وأبناء شعبنا في قطاع غزة يعاني ويلات حرب الإبادة الجماعية، التي لامست أبسط أمور حياتهم، ولاحقت أحلامهم، ودمرت حاضرهم ومستقبلهم، فبات الحصول على حفنة طعام ورشفة مياه صحية جل مبتغاهم.
يلخص المشهد في هذه الحرب البشعة، على النحو الآتي: قصف، وتجويع، وجفاف، وحرمان من الرعاية الصحية، خاصة في صفوف المسنين، الذين تعرضوا لمعاناة شديدة، مع ارتفاع وتيرة حالات الوفاة في صفوفهم، وتفشي الأمراض المعدية الناجمة عن تراجع النظافة الشخصية والعامة، والبدائل الغير متاحة، خاصة مع ارتفاع الأسعار، وشح المواد.
من الضروري التطرق إلى النقص الحاد في الحفاضات في قطاع غزة، خاصة لفئة المسنين، حيث لم تعد متوفرة في الأسواق، وإن وُجدت فلا يمكن شراء كميات كافية منها، بسبب الارتفاع الكبير في أسعارها.
المواطن عرفة شعبان يسأل عبر صفحته على "فيسبوك" عن أماكن لبيع الحفاضات "البامبرز" لوالدته السبعينية المريضة التي أصيبت بشظية خلال الحرب، فلم تعد تقوى على الحركة، حيث يواجه صعوبة بالغة في الحصول عليها، بسبب الإغلاق المحكم للمعابر، وعدم إدخال أي مستلزمات طبية أو صحية منذ أشهر طويلة.
يقول شعبان (34 عاماً): "منذ أسابيع طويلة وأنا أبحث عن فوط صحية لوالدتي، فلم أترك مكاناً إلا وبحثت فيه، سواء في الأسواق، أو الصيدليات، ولكن للأسف دون جدوى".
ويضيف قائلاً: "في ظل هذا النقص الحاد وكبديل، أضطر إلى استخدام قطع من القماش بدلاً من الفوط الصحية، لكنني تفاجأت بأن هذه القطع من تسبب نوعاً من الحساسية الجلدية لوالدتي، وها أنا أقف حائراً حيال هذه الكارثة".
ويختم حديثه وقد جاءه اتصال من أحد الأصدقاء يخبره أن هناك محلا يبيع هذه الفوط بسعر 30 شيقلا للفوطة الواحدة، ليستدرك قائلا: "هذه كارثة أخرى، إذ لا أستطيع مادياً شراء هذه الفوط بمثل هذه الأسعار".
يشار إلى أن ثمن الحفاضات حالياً نتيجة الشح وصل إلى 600 شيقل (180 دولارا)، ويدفع كبار السن باعتبارهم من أكثر الفئات هشاشة وتضررًا ثمن هذه الأزمة، إذ يعاني عدد كبير منهم إعاقات جسدية وأمراضا مزمنة تتطلب رعاية طبية مستمرة، إلى جانب حاجتهم إلى الدعم النفسي والاجتماعي.
الدكتورة سعاد عبيد، خبيرة تغذية تقول في اتصال هاتفي مع "وفا": "يؤدي عدم استخدام الفوط الصحية أو تغيير ما هو متوفر بانتظام إلى تسمم الدم نتيجة التقرحات، وإذا لم يتم التعامل معها بشكل مناسب وصحي، فتتعفن، ليصل التسمم إلى الدم، خاصة في ظل عدم توفر الفرشات الهوائية، نتيجة عدم توفر الوقود".
وتضيف عبيد: "هذا التسمم يؤدي إلى الوفاة نتيجة التهاب القروح (عبارة عن تلف في الأنسجة)، الأمر يحتاج إلى رعاية فائقة، نتيجة عدم تبديل الفوط بانتظام، أو استخدام أقمشة لا تمتص السوائل، فيحدث تلامس مباشر بين هذه السوائل والجلد".
"الوضع كارثي بكل المقاييس، خاصة على كبار السن، الذين يعانون نقصا طبيعيا في المناعة، في ظل نقص الغذاء والدواء لا سيما في هذه المنظومة الصحية المتهالكة نتيجة الحرب"، وفقاً لحديثها.
وتختم حديثها بالقول: "هذه الفئة من كبار السن محكوم عليها بالإعدام، إذ إن نسبة الوفاة بينهم مؤخراً وصلت إلى 90% نتيجة ظروف الحرب".
بدوره، علّق الدكتور بسام زقوت، مدير عام جمعية الإغاثة الطبية في قطاع غزة، بقوله: "منذ أربعة أشهر، وهذه المعاناة اشتدت بقوة، بسبب عدم توفر هذه الحفاضات سواء لكبار السن، أو الأطفال، التي نفذت تماماً من الأسواق والمخازن".
ويضيف: "كنا ننتظر أن تكون هناك استجابة لمناشدات المؤسسات الدولية، التي تطلق ولا تزال نداءً عاجلا لإدخال هذه الحفاضات، ولكن للأسف الجانب الإسرائيلي، لا يلتفت إلى هذه التفاصيل".
ويكمل زقوت حديثه بالقول: "يضطر هنا المواطن إلى استخدام بديل لهذه الحفاضات، لكنها ذات أعراض جانبية، وتفتح بابا آخر من المعاناة".
ويختم حديثه بالقول: "آخر مرة وزعنا ما يقارب 2000 بكيت على ما يقارب 400 شخص من كبار السن".
ــــــــــ
/س.ك