محافظات 18-6-2025 وفا- هدى حبايب وفاطمة إبراهيم
تستعد وزارة التربية والتعليم العالي لعقد امتحان الثانوية العامة في المحافظات الشمالية اعتبارا من يوم السبت المقبل، في ظروف استثنائية يفرضها الاحتلال الإسرائيلي، مع تواصل عدوانه على شعبنا.
وبينما تجري الاستعدادات على قدم وساق لإنجاح عقد الامتحان في المحافظات الشمالية، تحول حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة على شعبنا في قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، دون عقد الامتحان لطلبة الثانوية العامة في القطاع، للعام الثاني على التوالي.
وتعمل وزارة التربية على تجاوز جملة من التحديات والعراقيل التي يضعها الاحتلال في الضفة، خاصة إغلاق الحواجز والبوابات العسكرية التي تقطع أوصال المدن والبلدات والقرى، إلى جانب استمرار العدوان على محافظات شمال الضفة، وتحديدا طولكرم وجنين، منذ 21 كانون الثاني/ يناير الماضي.
وتواصل الوزارة التنسيق مع الهيئة العامة للشؤون المدنية والارتباط العسكري والجهات الشريكة كافة، لتوفير متطلبات إنجاح امتحان الثانوية العامة، من خلال العمل على تأمين تحرك الكوادر التعليمية والمواد اللوجستية والقرطاسية عبر حواجز الاحتلال وبواباته العسكرية، باتجاه القاعات المنتشرة في البلدات والقرى.
مديرية التربية والتعليم في محافظة طولكرم، أكدت أنها أمام مسؤولية وطنية وإنسانية وجهوزية كاملة لضمان سير الامتحانات بسلاسة وعدالة، رغم التحديات الأمنية والإنسانية الصعبة، خاصة في مخيمي طولكرم ونور شمس للاجئين.
وقال المدير العام للتربية والتعليم في المحافظة مازن جرار لـ"وفا"، إن امتحان الثانوية العامة هذا العام يأتي في ظروف استثنائية ومعقدة لم تشهدها المحافظة من قبل، نتيجة استمرار عمليات الهدم والاقتحامات والحصار.
وأوضح أن عدد الطلبة المتقدمين للامتحان يبلغ 3050 طالبا وطالبة، موزعين على 34 قاعة في مختلف فروع الثانوية العامة، مبينا أنه تم توزيع الطلبة بحيث تكون القاعات قريبة قدر الإمكان من أماكن سكنهم، مراعاةً للظروف الأمنية، ولضمان التزام التعليمات وسلامة الجميع، بمن فيهم المراقبون ورؤساء القاعات.
وأشار جرار إلى أن المديرية أنهت جميع الترتيبات اللوجستية المتعلقة بتجهيز القاعات، وتوفير الطواقم البشرية اللازمة، بما في ذلك آلية نقل الأسئلة وتوزيعها بطريقة آمنة ودقيقة، كما تم إنشاء غرفة عمليات مشتركة بإشراف المحافظ عبد الله كميل، تضم ممثلين عن وزارة التربية والتعليم، والمحافظة، والشرطة، والارتباط العسكري والمدني الفلسطيني.
وشدد على أن احتمالية حدوث طارئ في ظل العدوان المتواصل تبقى قائمة، لذلك وضعت المديرية خطة طوارئ تتضمن إجراءات احترازية، تمثلت في تخصيص مراقبين وموظفين احتياطيين، وتجهيز قاعات بديلة، إضافة إلى تقريب مراكز الامتحان من أماكن سكن الطلبة.
ونوه جرار إلى وجود تنسيق وتعاون مباشرَين مع مديرية تربية قلقيلية، تحسبا لاحتمال إغلاق حاجز جبارة العسكري جنوب المدينة الذي يربط طولكرم بقرى وبلدات الكفريات، حيث تم تجهيز جزء من القاعات في محافظة قلقيلية لاستخدامها عند الضرورة.
وبشأن المخاوف من التصعيد الإسرائيلي في يوم الامتحان، قال جرار: "نحن نتعامل مع واقع ميداني خطير، وندرك أن احتمالية وقوع طارئ أمني قائمة في أي لحظة، وفي حال تعذّر وصول طالب إلى قاعته بسبب حادث ميداني أو إغلاق طريق أو اقتحام، يتم اللجوء مباشرة إلى غرفة العمليات المشتركة، والتنسيق مع الارتباط الفلسطيني لحل المشكلة قدر الإمكان".
وأضاف: "طلبنا من الطلبة الوصول قبل الامتحان بنصف ساعة، لكن في حال حدوث طارئ، يمكن للطالب التوجه إلى أقرب قاعة ممكنة، بشرط إبلاغ ولي أمره الذي عليه التواصل مع المديرية ليتم توجيه الطالب إلى القاعة البديلة بشكل رسمي ومنظم".
وعن وضع طلبة مخيمي طولكرم ونور شمس الذين نزحوا قسرًا بسبب العدوان، أوضح جرار أنه تم دمجهم في مدارس المدينة والبلدات المحيطة خلال فترة الدوام المدرسي، وقد تابعت المديرية أوضاعهم تربويا ونفسيا من خلال المرشدين التربويين والمعلمين وإدارات المدارس والمؤسسات المعنية، لتقديم الدعم اللازم لهم، وتسهيل اندماجهم وضمان تحصيلهم الدراسي بظروف نفسية جيدة بعيدا عن أجواء العدوان.
وأشار إلى أنه تم تسخير أكثر من 700 معلم ومراقب وإداري سيتنقلون يومياً لتأمين سير الامتحانات، مع توفير وسائل نقل لهم لضمان أداء مهامهم، انطلاقًا من إدراكهم لحجم المسؤولية الوطنية والأخلاقية الملقاة على عواتقهم، وسط الوضع الاقتصادي الصعب، وانخفاض نسبة الرواتب، مشيرا إلى أن المديرية نسقت مع محافظ طولكرم ليتم التعامل مع مركبات التربية والتعليم كمركبات الإسعاف والأمن لتأمين تزويدها بالمحروقات خلال فترة الامتحانات.
وفي ظل حالة التوتر والقلق العام التي يعيشها الطلبة وذووهم، دعا جرار أولياء الأمور إلى مساندة أبنائهم نفسيا ومعنويا، والتخفيف عنهم، وإيصالهم إلى قاعاتهم، لضمان قدرتهم على التركيز وتجاوز الظروف الصعبة، كما وجه رسالة إلى الطلبة بأنهم على قدر المرحلة والجميع يمر بظروف قاهرة وصعبة، وبتكاتف الجميع سنصمد وننجح، داعيا إياهم أن يكونوا صامدين أقوياء لتحقق طولكرم نتائج جيدة كما اعتادت على التميز والنجاح.
وأكد جرار أن أي أزمة أو طارئ قد يواجهها أي طالب يمكن التعامل معها بالاتصال مع الارتباط الفلسطيني عبر خدمة رقم (163)، داعيا الجميع إلى التكاتف في هذا الظرف الحساس، حتى تمر الامتحانات بسلام، وتكون رسالة صمود في وجه العدوان.
وفي محافظة جنين أيضا، يعيش طلبة الثانوية العامة أوضاعا صعبة ومتوترة بسبب عدوان الاحتلال على المدينة ومخيمها الذي تجاوز شهره الخامس.
وأكدت مديرية التربية والتعليم في جنين أنها أنهت الاستعدادات لبدء الامتحانات في وقتها، بما يتلاءم مع الأوضاع الاستثنائية التي تشهدها المحافظة.
وقال المدير العام لتربية جنين طارق علاونة لـ"وفا"، إن عدد الطلبة المتقدمين لامتحان الثانوية العامة في المحافظة يصل إلى 3034 طالبا وطالبة، من بينهم 43 طالبا من مخيم جنين للاجئين، اضطروا مع ذويهم إلى النزوح قسرا عن المخيم بسبب عدوان الاحتلال.
وأوضح علاونة أن مديرية تربية جنين قررت استيعاب الطلبة النازحين في القاعات الأقرب إلى مكان نزوحهم المؤقت في المدينة أو البلدات والقرى المجاورة، كما أتاحت لهم التقدم للامتحانات في المدارس التي كانوا يلتحقون بها قبل بدء العدوان.
وأكد علاونة أن المديرية أكملت الاستعدادات لعقد الامتحان بما يتناسب مع وضع الطلبة والظروف التي تمر بها المحافظة بشكل عام، ومدينة جنين ومخيمها بشكل خاص، مبينا أن الامتحان سيُعقد في 30 قاعة موزعة على المحافظة، وأن أولوية الوزارة والمديرية أن تسير فترة الامتحانات بسلاسة ويسر، مع مراعاة ظروف الطلبة وحالتهم النفسية.
يذكر أن 16.607 طلاب استُشهدوا و26.271 أصيبوا بجروح منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، بحسب معطيات صادرة عن وزارة التربية والتعليم العالي.
وأوضحت الوزارة في بيان أن عدد الطلبة الذين استُشهدوا في قطاع غزة منذ بداية العدوان وصل إلى أكثر من 16.470، والذين أصيبوا إلى 25.374، فيما استُشهد في الضفة 137 طالبا وأصيب 897 آخرون، إضافة إلى اعتقال 754.
وأشارت إلى أن 914 معلما وإداريا استُشهدوا وأصيب 4.363 بجروح في قطاع غزة والضفة، واعتُقل أكثر من 196 في الضفة.
ولفتت إلى أن 352 مدرسة حكومية تعرضت لأضرار بالغة نتيجة عدوان الاحتلال، من بينها تدمير 111 مدرسة بشكل كامل، فيما تعرضت 91 مدرسة حكومية، و89 تابعة لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" للقصف والتخريب، إضافة إلى تعرض 20 مؤسسة تعليم عالٍ لأضرار بالغة، إذ تدمر 60 مبنى تابعا للجامعات بشكل كامل، كما تعرضت 152 مدرسة و8 جامعات في الضفة للاقتحام والتخريب، إضافة إلى تدمير أسوار عدد من مدارس جنين وطولكرم وبلدتي بروقين وكفر الديك غرب سلفيت.
وأكدت "التربية"، أن 788 ألف طالب في قطاع غزة ما زالوا محرومين من الالتحاق بمدارسهم وجامعاتهم منذ بدء العدوان، إضافة إلى أنه للعام الثاني على التوالي يُحرم طلبة الثانوية العامة في القطاع من التقدم للامتحانات، في وقت تتواصل فيه الترتيبات لعقد الامتحان في الضفة اعتبارا من يوم السبت 21-6-2025.
وتابعت، أن الاحتلال يواصل إغلاق 6 مدارس تابعة لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" في مدينة القدس وضواحيها، منذ الثامن من أيار/ مايو الماضي.
ـــ
ع.ف