جنيف 2-6-2025 وفا- انطلقت أعمال الدورة الـ113 لمؤتمر العمل الدولي على المستوى الوزاري رفيع المستوى، اليوم الاثنين، بمشاركة وفود تمثل الحكومات وأصحاب العمل واتحادات العمال من 187 دولة.
وخلال جلسة الشؤون العامة ناقش ممثلو الدول الأعضاء مشروع قرار تاريخي يتعلق بمركز دولة فلسطين في منظمة العمل الدولية.
ويسعى القرار إلى توسيع مشاركة فلسطين في منظمة العمل الدولية برفع مكانتها من "حركة تحرير وطني" إلى "دولة مراقبة غير عضو"، بما يتماشى مع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم ES-10/23 الصادر في أيار/ مايو 2024.
ويُوازن هذا القرار مكانة فلسطين في منظمة العمل الدولية مع عضويتها في الوكالات الأخرى مثل "اليونسكو" ومنظمة الصحة العالمية، ويستند إلى توصية مجلس إدارة منظمة العمل الدولية، التي اعتُمدت خلال دورته 352 في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، التي دعت إلى تعزيز مكانة ومشاركة دولة فلسطين في أعمال المنظمة، بما يشمل حضور اجتماعات مجلس الإدارة، والمؤتمرات الإقليمية، واللجان الفنية.
واعتمدت لجنة الشؤون العامة القرار بالإجماع تمهيدا لإعلان اعتماده بشكل رسمي يوم الخميس الموافق الخامس من شهر حزيران الجاري.
وخلال الجلسة، عبّرت دول عدة عن دعمها الواضح لمشروع القرار، وشددت على ضرورة وقف إطلاق النار في غزة وإدخال المساعدات الإنسانية بأسرع وقت ممكن، وعلى رأسها المجموعة العربية برئاسة البحرين، ومنظمة التعاون الإسلامي برئاسة الباكستان، ومصر، والجزائر، والصين، وإسبانيا، وفرنسا، وإندونيسيا، وكوبا، وتونس، وسويسرا، وتشيلي، وفنزويلا. وشددت على أهمية تمكين دولة فلسطين من ممارسة دورها الكامل في المنظمة، وتعزيز حضورها الدولي كدولة، لا كحركة تحرر فقط.
امتيازات موسعة لدولة فلسطين بموجب القرار
ويتضمن مشروع القرار حزمة من الحقوق الواسعة التي ستُمنح لفلسطين في المنظمة، من أبرزها:
الحق في الجلوس بين الدول وفق الترتيب الأبجدي، والتسجيل في قائمة المتحدثين في كافة بنود جدول الأعمال، وتقديم بيانات باسم المجموعات، وتقديم مقترحات وتعديلات والمشاركة في رعايتها، والحق في الرد، ورفع التماسات إجرائية، وتقديم نقاط نظام، وطلبات للتصويت، والطعن في قرارات رئيس الجلسة، وإدراج بنود على جدول أعمال المؤتمرات المقبلة، وانتخاب أعضاء من وفدها لعضوية مكتب الجمعية العامة للمؤتمر بدءا من العام المقبل، والمشاركة الكاملة في المؤتمرات والاجتماعات المنعقدة تحت رعاية الجمعية العامة، وتمثيل ثلاثي (حكومة – أصحاب عمل – عمال) في الوفود الفلسطينية.
كما نص القرار على مواءمة مشاركة فلسطين مع الإجراءات المعتمدة من الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتطبيق ذلك على أساس استثنائي، دون المساس ببنية العضوية في المنظمة.
من جهته، أعرب المندوب الدائم لدولة فلسطين للأمم المتحدة في جنيف، السفير إبراهيم خريشي، عن امتنانه للدعم الدولي، قائلاً "أهنئ رئاسة المؤتمر والنواب على انتخابهم، وأشكر ممثلة أصحاب العمل وممثلة مجموعة العمال على حديثهما الشفاف والداعم للقضية الفلسطينية، كما أُثني على موقف المجموعات والدول التي عبّرت عن تضامنها."
وانتقد السفير خريشي موقف وفد المجر الذي عارض القرار، قائلا "أستغرب من موقف المجر، التي اعترفت بدولة فلسطين منذ عام 1988. كنا ننتظر منها أن تدعم عضوية كاملة لفلسطين، بما يتسق مع موقف المجتمع الدولي."
وشدد على أن مشروع القرار إجرائي وليس سياسي، إذ قدم بناء على تحليل قانوني مطول أعده مكتب المدير العام، الذي استعرض به مشاركة فلسطين المستمرة منذ أكثر من 50 عاما.
وأشار إلى أن الجمعية العامة طالبت الوكالات المتخصصة بقرارها في أيار 2024 بضرورة اتخاذ إجراءات لمواءمة قراراتها، كما أن دولة فلسطين تستوفي الشروط الأربعة المنصوص عليها في إعلان مونتيفيديو لعام 1933، وهي مؤهلة للانضمام.
كما أشار إلى اتفاق الجمعية العامة ومنظمة العمل في 1946 حول مواءمة قراراتها مع قرارات الجمعية العامة، و"مع ذلك، لا يزال البعض يرفض التعامل بإنصاف، ويستمر في تطبيق ازدواجية المعايير".
وشدد السفير خريشي على أن قرار رفع عضوية دولة فلسطين في منظمة العمل الدولية يُعد ردًاً حازماً ومباشراً على قرار الكنيست الإسرائيلية الرافض لإقامة الدولة الفلسطينية، وكذلك على التصريحات التحريضية والخطيرة التي أدلى بها رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير خارجيته من اليمين المتطرف.
واعتبر أن الموقف الإسرائيلي يمثل تصعيداً بالغ الخطورة وانتهاكًاً صارخاً للقانون الدولي وحقوق الشعب الفلسطيني.
ودعا إلى تحرك دولي فاعل لمواجهة هذا الواقع الظالم، من خلال دعم واضح وصريح لحقوق العمال الفلسطينيين، وتعزيز تمثيل فلسطين وتثبيت وجودها في المحافل والمؤسسات الدولية كجزء من معركة النضال الوطني والسياسي المشروعة.
إجماع على أهمية القرار ودعوات لاعتماده
وأكدت كل من مجموعة أصحاب العمل ومجموعة العمال في كلمات ممثليها أهمية القرار، مشيرين إلى أن منح فلسطين هذه الحقوق لا يعني منحها العضوية الكاملة، ولا يؤثر على أي حلول مستقبلية للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، بل هو خطوة بناءة تعزز من التزام منظمة العمل الدولية بالشمولية والتعاون الفني.
وشددوا على ضرورة تمكين حضور الشعب الفلسطيني في المنظمات الدولية وحماية حقوق العاملين في ظل استمرار الاحتلال غير القانوني.
كما شددت التصريحات على أن القرار يتيح منصة عملية لدعم العمال الفلسطينيين في ظل الكارثة الإنسانية التي تشهدها الأرض الفلسطينية المحتلة، خاصة في قطاع غزة حيث يواجه الملايين أوضاعا إنسانية صعبة ومأساوية، كما فقد أكثر من 200 ألف عامل وظائفهم.
من جانبه، قال رئيس الاتحاد العربي للنقابات، الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، شاهر سعد، في كلمته، إن اعتماد مشروع القرار تمهيدا لإعلان اعتماده بشكل رسمي رسالة طمأنة للشعب الفلسطيني أينما كان، في غزة أو الضفة الغربية، بأن الشركاء الاجتماعيين في منظمة العمل الدولية يقفون إلى جانبه، كما أنها رسالة تبين الوفاء للمبادئ التي تأسست من أجلها منظمة العمل الدولية.
وجدد سعد دعوته إلى جميع مكونات منظمة العمل الدولية من أجل الضغط تجاه فتح أبواب المساعدات الغذائية والصحية العاجلة لأهالي قطاع غزة، مضيفا أن الشعب الفلسطيني الذي تعرض للنكبة منذ 77 عاما يعيش اليوم نكبة غزة حيث يواجه مأساة حقيقية.
وأعرب عن شكره لرئيسة فريق العمال بمنظمة العمل الدولية كاتلين باسجيير على كلمتها التي ألقتها نيابة عن عمال العالم دعما لشعب وعمال فلسطين.
ــــ
و.أ