جنين 20-5-2010 وفا- ثائر أبو بكر
لم يمض عام على فتح معبر الجلمة العسكري على بعد عدة كيلومترات إلى الشمال من مدينة جنين، الذي أقيم أصلا ليقسم الجسد الفلسطيني كمركز إذلال حقيقي تستخدم فيه شتى أنواع الممارسات اللاإنسانية المنافية للأعراف والمواثيق الدولية.
وبعيدا عن شاشات التلفزة وكاميرات الصحافة، فأن العديد من القطاعات ما زالت هدفا للتنكيل من قبل أبناء إسرائيل الذين يتلذذون في ممارسة ساديتهم بحق العزل من ابناء هذا الشعب المحاصر، فذوي الأسرى والعمال ممن يضطرون لاجتيازه لوصول أماكن أعمالهم أو لزيارة ذويهم داخل السجون والمعتقلات الإسرائيلية ولأهلنا فلسطينيي الـ48، يعاقبون يوميا ويجبرون على التقيد بما يفرض عليهم من قيود وإجراءات.
وناشد أهالي الأسرى والعمال والزائرين من فلسطينيي الـ48 كافة المؤسسات الإنسانية والحقوقية وأعضاء الكنيست العرب والجهات المختصة في السلطة الوطنية التدخل والضغط على سلطات الاحتلال لوضع حد لمأساتهم ومعاناتهم المستمرة على هذا المعبر، حيث يواجهون سياسة التفتيش العاري وسحب تصاريح الزيارة والعمل ويتعرضون لأساليب مذلة ومشينة داخل غرف التحقيق والتفتيش واستخدام الكلاب البوليسية ومنع الزائرين من شراء بعض الحاجيات من جنين وناهيكم عن محاولات لضباط المخابرات الإسرائيلي لتجنيد مواطنين في جهاز المخابرات.
محافظ جنين قدورة موسى في حديث لـ'وفا'، جدد إدانته واستنكاره لعملية الإذلال التي يستخدمها الجنود بحق أبناء شعبنا سواء من الضفة أو من أراضي 48 ممن يدخلونه لزيارة أقربائهم في جنين واستخدام الكلاب البوليسية أثناء تفتيشهم وهم عائدين من المدينة، مطالبا بفتح المعبر وإغلاقه دون شروط ودون تحديد الزمان لأن ذلك من شأنه أن يثير الإرباك والقلق للزائرين.
وطالب موسى الجانب الإسرائيلي السماح لطلبة الجامعات من فلسطينيي ألـ48 الذين يلتحقون بالجامعات في جنين وبقية المحافظات بتمديد فتح المعبر لهم خاصة يوم الخميس والسماح لهم مبكرا يوم الجمعة بالقدوم إلى جنين، إضافة إلى عدم تشديد القيود على أهلنا من الداخل فيما يتعلق بابتياع المواد التموينية حيث يمنع الجنود الألبان والأجبان واللحوم ومشتقاتها من نقلها من أسواق جنين، إضافة السماح لهم بالمرور مشيا على الأقدام من خلال المعبر حيث يمنعون من الدخول إلى المعبر مشيا على الأقدام، ووقف سياسة التفتيش العاري المذلة والمشينة خاصة بحق أهالي الأسرى والطبقة العاملة التي تذهب من أجل البحث عن لقمة عيش أطفالهم.
وبين موسى أن الجهود الكبيرة والعظيمة التي لم تتوقف منذ أكثر من سنتين من قبل السلطة الوطنية، والضغوطات التي مارسها الاتحاد الأوروبي والرباعية الدولية على الجانب الإسرائيلي، توجت أخيرا بالنجاح، بعد أن أغلق هذا المعبر لأكثر من تسع سنوات.
وأضاف أن هذا النجاح يحسب أيضا للأجهزة الأمنية وأبناء شعبنا الذين تكاتفوا معها وأرسلوا رسائل للعالم إننا شعب نحب ونريد الحياة من خلال الأمن والأمان والاستقرار والذي لن يتحقق أيضا إلا بزوال الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
ودعا المحافظ دول العالم الصديقة للضغط على حكومة الاحتلال وإلزامها على تطبيق واحترام الاتفاقيات التي أبرمت مع السلطة الوطنية حتى ينعم الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي بالأمن والأمان والازدهار الاقتصادي.
وعبر العديد من فلسطيني 48 الذين قدموا إلى جنين من عدة مدن وقرى من الداخل في أحاديث منفصلة لـ'وفا'، عن فرحتهم وسرورهم بالدخول إلى مدينة جنين بالرغم من المعاناة وسياسة الإذلال التي يواجهونها على المعبر، ويدفعون ثمنا باهظا للتواصل الاجتماعي ومن أجل التسوق.
وذكرت المواطنة سهير جمعة من مدينة عكا، أن الأهالي يتعرضون لممارسات إذلالية من قبل الجنود الإسرائيليين على المعبر والمتمثلة بقيام الجنود من خلال استخدام الكلاب البوليسية داخل الحافلة وهم جالسين، حيث تقوم الكلاب بعملية الشم ومثل ذالك تقول لم نشاهد قطعيا مثل هذه الممارسات المذلة للإنسانية.
وأضافت: 'الجنود يمنعونا من السير مشيا على الأقدام إضافة إلى قيام الجنود بمصادرة بعض المواد التموينية التي أحضرناها من جنين ووضع شروط معينة أثناء الدخول والخروج حيث يتم منع مركباتنا بعد الساعة السابعة مساء من التحرك.
وعن شعورها بالدخول الى جنين بعد حرمان استمر عدة سنين، قالت: إن مدى فرحتنا في لتواصل بين أبناء الشعب الواحد النصف المكمل للآخر لا يوصف، خاصة أننا نقوم كل أسبوع بزيارة أقربائنا في جنين والذين حرمنا من مشاهدتهم والجلوس معهم منذ سنين.
مواطن من عائلة الشاعر من مدينة الناصرة عبر عن سروره وفرحته بعد حرمانهم منذ تسع من الدخول عبر معبر الجلمة من أجل التواصل مع أقربائه وبهدف التسوق.
وأضاف إن معاناتنا خاصة أيام السبت والأحد تبدأ عند عودتنا من مدينة جنين على المعبر حيث يرغمنا الجنود على إنزال كافة الحاجيات التي نحضرها ويتم إدخال المركبة والأغراض على أجهزة خاصة للتفتيش، واستخدام الكلاب البوليسية، ما يعني انتهاج سياسة الإذلال للإنسانية ولكرامة الإنسان، حيث يرغمنا الجنود على تنزيل وتحميل كافة الحاجيات المسموح لنا بحملها، ويمنع نقل الألبان ومشتقاتها واللحوم والدواجن والمواد الزراعية البيطرية.
الموطن داود تلحمي من مدينة عسفيا عبر عن فرحته لقدومه إلى جنين، وقال: بالرغم من الحدود والحواجز وما نعانيه من سياسة التفتيش على المعبر، ألا إننا مصرون على التواصل بين أبناء الشعب الواحد.
وأشار مواطن من عائلة العمري من بلدة صندلة أنهم يعانون وباستمرار من سياسة التفتيش المذلة من قبل حراس المعبر من استخدام الكلاب البوليسية وإرغامنا على تفريغ حمولة المركبة من حاجيات ومنعنا من بعض المواد التموينية وإخضاعنا أحيانا للتفتيش، وذكر أن ذالك يختلف من جندي إلى آخر، فمنهم من يتعمد انتهاج سياسة الإذلال والتعمد على تأخيرنا لمدة ساعتين بحجج أمنية واهية.
وأكدت عدة مواطنات إرغامهن على الدخول إلى غرفة التفتيش وخلع ملابسهن إلا أنهن رفضن حيث حرمن من زيارة ذويهم في السجون، وأخضعن لعملية استجواب ومحاولة ابتزاز من قبل أفراد المخابرات الإسرائيلية حيث عرضوا عليهن التعاون مقابل تسهيل الزيارات لأزواجهن وأبنائهم الأسرى القابعين في سجون الاحتلال، إلا أنهن رفضن بشدة فحرمن الزيارة.
وذكر العديد من أهالي الأسرى لـ'وفا'، أنهم يتعرضون أثناء توجههم لزيارة أبنائهم الأسرى في سجون الاحتلال لشتى الممارسات القمعية والإذلالية من خلال استخدام سياسة التفتيش العاري المذل والمشين والتي طالت الأطفال والنساء والشيوخ والتي تتمثل باحتجازهم لساعات طويلة عبر الحاجز والذي يكون مكتظا بمئات الأسر ومئات العمال الفلسطينيين الذين يضطرون للاصطفاف على الطابور ويدخلون إلى تلك الغرف على مزاج جنود الاحتلال وسط توجيه الشتائم والصراخ والتلويح بالسيف المسلط عليهم ألا وهو حرمانهم من الزيارة وسحب التصاريح.
وتطرق البعض إلى رحلة المعاناة والعذاب لمئات العمال الذين يفرون من البطالة للعمل في إسرائيل لتوفير لقمة العيش لأطفالهم يصطدمون بالمعاناة على حاجز معبر الجلمة العسكري.
وتجدث مسئول الدائرة القانونية في اتحاد العام لنقابات عمال فلسطين حسن أبو صلاح، المشاكل والمعاناة اليومية التي تواجه العمال لدى عبور معبر 'الجلمة' في طريقهم إلى أماكن عملهم في الداخل حيث أجمعوا على إنهم يخضعون لإجراءات تفتيش مهينة ومذلة ومشينة من رجال الأمن الإسرائيليين من العاملين في المعبر الذي تديره شركة حراسة إسرائيلية خاصة، ما يتسبب في تأخر وصولهم في معظم الأيام لأماكن عملهم.
ويبدأ هؤلاء بالتوافد إلى المعبر منذ الساعة الواحدة ليلا في محاولة بائسة منهم لحجز دور على المعبر، ويستمر هذا التوافد لغاية الخامسة صباحا حيث يبدأ دخول العمال الذين يصل عددهم 1200 عاملا تقريبا بالإضافة إلى 600 تاجر و200 من أهالي المعتقلين، بالسرعة القصوى من أجل ضمان وصولهم لأماكن عملهم في الوقت المحدد ودون ذلك فإنهم سيفقدون عملهم.
من جهته قال مدير عام الغرفة التجارية نصر عطياني إن اقتصاد المحافظة يعتمد وبشكل رئيسي يعتمد على أهلنا فلسطينيي الـ48 اعتبار أنهم يشكلون شريانا رئيسيا للحياة الاقتصادية في جنين.
ولفت إلى أن الغرفة التجارية قامت بتوفير مواقف خاصة للسيارات القادمة من داخل 48، وعملت بالتنسيق مع الشرطة من أجل توفير الأمن والحماية لأهلنا وإرشادهم إلى الأماكن الخاصة بسيارتهم.
ومهما يكن الأمر فإن الجميع يؤكد أن الحق بحرية الحركة مفقود على هذا المعبر كغيره من المعابر التي تلتف حول المحيط الفلسطيني، مع التأكيد على أن القيود الإضافية على الحرية تصبح بلا معنى عندما يتعلق الأمر بكرامة الإنسان والمس بحقوقه التي كفلها القانون الدولي.
ـ
ث.أ