الخليل 11-9-2025 وفا- يتجدد الرفض العشائري الشعبي والوطني لما يتم تداوله إسرائيليا عن مشروع "إمارة الخليل"، الذي تسعى تل أبيب إلى تسويقه، باعتباره بديلاً للسلطة الوطنية ومنظمة التحرير الفلسطينية.
وتجمع المواقف أن هذا المشروع يُطرح في إطار محاولات متجددة هدفها ضرب الشرعية الفلسطينية وتمزيق النسيج الوطني، لتعيد إلى الأذهان تجربة "روابط القرى" التي حاول الاحتلال فرضها قبل أكثر من أربعة عقود ومنيت بالفشل.
رئيس مجلس عائلة أبو سنينة، عبد الحميد أبو تركي، يؤكد أن فكرة "إمارة الخليل" ليست جديدة، بل امتداد لمحاولات إسرائيلية سابقة بدأت منذ عام 1978 مع إنشاء ما عرفت في حينه بـ"روابط القرى"، والتي أسقطها الشعب الفلسطيني رغم كل الإمكانيات والصلاحيات التي منحها لها الاحتلال.
ويشير أبو تركي إلى أن الاحتلال يحاول استبدال المؤسسات الفلسطينية بواجهات عشائرية، لكنه يجزم أن هذه الخطط ستفشل لأن "المجتمع الفلسطيني متمسك بمؤسساته الوطنية، الرسمية منها والأهلية".
وقال، إن "المجتمع الفلسطيني أوعى من أن يقبل ببدائل عن مؤسساته الشرعية"، مضيفا أن العشائر جزء أصيل من النسيج الوطني، وهي على تعاون مستمر مع المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني.
واعتبر، أن وجود قلة شاذة أو متعاطفة مع الاحتلال، لا يغيّر من حقيقة الإجماع الشعبي على الرفض، وأكد أن الخارجين عن القانون منبوذون عشائريا، وأن المجتمع يرفض أي محاولة إسرائيلية لزرع الفتن أو فرض قيادات لا تمثل إلا نفسها.
وأوضح أن عائلة أبو سنينة، كإحدى أكبر عائلات الخليل، أعلنت رفضها القاطع لهذه المشاريع، وهو موقف يعكس إجماعا أوسع داخل المحافظة.
من جانبه، أكد عضو اللجنة العشائرية العليا للمحافظات الشمالية، الشيخ نافذ الجعبري، أن ما نُشر عن "إمارة الخليل" قوبل باستنكار واسع، ليس فقط من عائلة الجعبري، بل من جميع عشائر الخليل.
وقال إن العائلة أصدرت بيانا واضحا تبرأت فيه من أي شخصية قد يُزج باسمها في مثل هذه المشاريع، وأكدت ولاءها للسلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير.
وأشار إلى أن عشائر فلسطين عموما، أعلنت موقفا واضحا برفض التعامل مع أي إدارة بديلة تحت الاحتلال، وستعمل على إفشالها وإسقاطها كما حدث مع مشروع "روابط القرى" في سبعينات القرن الماضي.
وأضاف، أن الحديث عن إمارات فلسطينية هو محاولة إسرائيلية لتقسيم المجتمع الفلسطيني وضرب وحدته، وأن محاولة الاحتلال فرض "إمارة" في الخليل أو غيرها من المحافظات ليست سوى "وصفة للفوضى والانقسام"، وستقود إلى انفلات أمني قد يصل حد حرب أهلية تصب في صالح الاحتلال، وهو ما لن تقبل به العشائر والمؤسسات الفلسطينية.
من جانبه، يرى الكاتب والصحفي فالح عطاونة أن تكرار الحديث إسرائيليا عن "إمارة الخليل" في هذه المرحلة يمثل "بالون اختبار" لقياس رد الفعل الفلسطيني، مؤكدا أن إسرائيل اعتادت منذ عقود البحث عن بدائل للشرعية الفلسطينية المتمثلة في منظمة التحرير بعد أن اعترف العالم أجمع بها ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني.
وذكر، أن الاحتلال يسعى لنزع صفة التمثيل عن منظمة التحرير سعيه لإسقاط صفة الشعب عن الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، باعتبارهم "سكانا محليين" أو "سكان مناطق" أو مجموعات تقدم لهم خدمات دون أي يمثلوا بشكل رسمي، وهذا في المحصلة يسقط حقهم في تقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة.
وقال، إن الإسرائيليين يستخرجون من الأدراج تجارب فاشلة ويدخلون تحديثات عليها من أجل موائمتها مع مقتضيات الحاضر، فلذلك انتقل من "روابط القرى" إلى مشروع "الإمارة" في إطار مساعي إيجاد إدارة ذاتية بديلة تناط بها مهام تقديم الخدمات وفق شروط ومحددات الاحتلال.
واستعاد عطاونة تجربة بلدته بيت كاحل، شمال الخليل، حين حاولت "روابط القرى" التغلغل في المجتمع المحلي عبر ادعاء أنها يمكن أن تقدم خدمات أساسية كالكهرباء، وقادرة على لعب دور في إدارة الشأن العام للناس وتحسين مستوى الخدمات، لكن سرعان ما كشف وجهها الحقيقي بأنها أداة بيد الاحتلال، الذي كان يعمل على تمويلها وتسليحها.
وأوضح أن تلك الروابط التي تحولت إلى عصابات مسلحة، هي من اغتالت الشهيد داوود عطاونة في 19 حزيران/ يونيو 1982 بإطلاق النار عليه، حيث عرف بأنه أحد أبرز المناهضين لدورها المشبوه.