نابلس 11-6-2025 وفا- بسام أبو الرب
لم يكن يعلم الشاب نضال عميرة، أن الخطوات الأخيرة التي خطاها وهو رافع يديه، هي الأخيرة التي تقوده نحو قدره بين زخات رصاص جنود الاحتلال، عند مدخل البلدة القديمة بنابلس.
عشرات الرصاصات انطلقت خلال بضع دقائق، عقب أن انهال جنود الاحتلال على الشاب نضال بالضرب، ليتدخل شقيقه خالد، محاولا فهم ما يحدث، ليطلقوا عليه النار بشكل مباشر، قبل أن يكمل الخطوة 35 من مدخل البلدة حتى الوصول إلى شقيقه نضال.
آثار الرصاصات التي أُطلقت لا تزال على الجدران، وأبواب المحلات التجارية في منطقة إعدام الشقيقين عميرة، وبين الممرات والأزقة، التي لا يتعدى عرضها المتر الواحد.
وكانت قوات الاحتلال قد اقتحمت البلدة القديمة بنابلس، ليلة أمس الثلاثاء بعشرات الآليات، وفرضت حصارا عليها، وداهمت مئات المنازل، وأجبرت عددا من العائلات على الخروج منها، وأجرت تحقيقا ميدانيا مع الأهالي، إضافة إلى مداهمة عدد من المحلات التجارية.
مقاطع الفيديو التي سجلتها عدسات الكاميرات، يوم أمس، خلال اقتحام البلدة القديمة في نابلس في تصعيد عسكري استمر لأكثر من 24 ساعة، تُظهر الشاب نضال، يرتدي قميصا أبيض اللون وقبعة حمراء، وهو يسير ببطء رافعا يديه نحو جنود الاحتلال، للتفتيش، ثم يركله أحدهم بقدمه على صدره، ويناهلون عليه جميعا بالضرب، ويجرّونه إلى أحد الأزقة، فيما حاول شقيقه خالد الذي يرتدي قميصا أسود وقبعة سوداء التحرك لإنقاذه، إلا أنه أُطلق عليه النار مباشرة، لتُسمع بعدها زخات من الرصاص وإطلاق النار بشكل مباشر ومن منطقة الصفر على رأس نضال.
وكانت وزارة الصحة قد أعلنت استشهاد الشقيقين نضال وخالد مهدي أحمد عميرة (40 عاما، و35 عاما) برصاص الاحتلال في نابلس، أمس الثلاثاء، واحتجاز جثمانيهما.
مهدي عميرة (65 عاما) والد الشهيدين نضال وخالد، يقول لوكالة "وفا": إن نجليه هبّا لمساعدة بعض العائلات التي طلبت المساعدة على إخراجها من داخل البلدة القديمة، بعد الحصار الذي عاشته نابلس يوم أمس.
ويضيف: "شاهدت لحظة إطلاق النار على شابين اثنين على التلفاز مباشرة، ولم أعلم أنهما ابناي، وليتم تداول اسميهما بعد ذلك، والإعلان عن استشهادهما".
يتوافد أبناء المدينة على منزل عائلة عميرة، وحتى اللحظة تعيش العائلة الصدمة لما حدث لابنيها، وقتلهما بهذه الطريقة، واحتجاز جثمانيهما.
ويصف والد الشهيدين نجليه بأنهما من أصحابالنخوة، ويساعدان كل من يطلب منهما المساعدة، ويضيف: نضال الابن الثاني للعائلة وخالد الأصغر بين الذكور الأربعة، وهما يعملان معا في التجارة".
وأسفر عدوان الاحتلال على البلدة القديمة عن استشهاد الشقيقين عميرة، وإصابة سبعة آخرين بالرصاص الحي والشظايا، فيما أصيب 11 مواطنا جراء الاعتداء عليهم بالضرب، واثنان إثر سقوطهما عن مرتفع، إضافة إلى حالة دعس، وامرأة جراء مهاجمتها من كلب بوليسي، والعشرات بالاختناق بالغاز المسيل للدموع بينهم طفلة (عام ونصف عام) جرى نقلها إلى المستشفى.
وقال محافظ نابلس غسان دغلس لـ"وفا"، إن استمرار العدوان يعني استمرار التخريب والإرهاب المنظم ضد أبناء الشعب الفلسطيني.
وأكد دغلس أن العدوان يستهدف كل مناحي الحياة، فقد شل القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والصحية في المحافظة، مشددا على أن "رسالتنا إلى الاحتلال أن كل إجراءاتكم ستذهب وستفشل، وسيبقى الشعب الفلسطيني صامدا على أرضه".
وأشار إلى أن الاحتلال مستمر منذ قرابة 24 ساعة في عدوانه على مدينة نابلس، قتل خلاله أبرياء، واقتحم المنازل والمساجد وخرّبها ودمرها، مؤكدا أن المواطنين لن يرضخوا أمام آلة الاقتحام والتخريب.
ــــــــ
/س.ك